فصل: ظهور العلوية بمصر والكوفة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خلع المهتدي وقتله وبيعة المعتمد.

وفي أول رجب من سنة ست وخمسين شعف الأتراك من الترك والدور بطلب أرزاقهم وبعث المهتدي أخاه أبا القاسم ومعه كفقا وغيره فسكنوهم وعادوا وبلع محمد بن بغا أن المهتدي قال للأتراك أن الأموال عند محمد وموسى ابني بغا فهرب إلى أخيه بالسند وهو مقاتلة موسى الشاربي فأمنه المهتدي ورجع ومعه أخوه حنون وكيغلغ فكتب له المهتدي بالامان ورجع إلى أصحابه وحبسه وصادره على خمسة عشر ألف دينار ثم قتله وبعث بابكيال بكتابه إلى موسى بن بغا بأن يتسلم العسكر وأوصاه بمحاربة الشاربي وقتل موسى بن بغا ومفلح فقرأ الكتاب على موسى وتواطؤا على أن يرجع بابكيال فيتدبر على قتل المهتدي فرجع ومعه يارجوج واساتكين وسيما الطويل ودخلوا دار الخلافة منتصف رجب فحبس بابكيال من بينهم واجتمع أصحابه ومعهم والأتراك وشغبوا وكان عند المهتدي صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور فأشار بقتله ومناجزتهم فركب في المغاربة والأتراك والفراغنة على التعبية ومشى والبلخي في الميمنة ويارجوج في الميسرة ووقف هو في القلب ومعه أساتكين وغيره من القواد وبعث برأس بابكيال إليهم مع عتاب بن عتاب ولحق الأتراك من صفة باخوانهم الأتراك وانتقض الباقون على المهتدي وولى منهزما ينادي بالناس ولا يجيبه احد وسار إلى السجن فأطلق المحبوسين ودخل دار أحمد بن جميل صاحب الشرطة وافتتحوا عليه وحملوه على بغل إلى الجوسق حبس عند أحمد ابن خاقان وأرادوه على الخلع فأبى فأجرجوا رقعة بخطه لموسى بن بغا وبابكيال وجماعة القواد أنه لا يغدر بهم ولا يقاتلهم ولايهم بذلك ومتى فعل شيئا من ذلك فقد جعل أمر الخلافة بأيديهم يولون من شاؤا فاستحلوا بذلك أمره وقتلوه وقيل في سبب خلعه غير هذا وهو أن أهل الكرخ والدور من الأتراك طلبوا الدخول على المهتدي ليكلموه فأذن لهم وخرج محمد بن بغا إلى المحمدية ودخلوا في أربعة آلاف فطلبوا أن يعزل عنهم قواده ويصادرهم وكتابهم على الأهواز ويصير الأمر إلى أخوته فوعدهم بالإجابة وأصبحوا من الغد يطلبون الوفاء بما وعدهم به فاعتذر لهم بالعجز عن ذلك إلا بسياسة ورفق فأبو إلا المعاجلة فاستخلفهم على القيام معه في ذلك بإيمان البيعة فحلفوا ثم كتبوا إلى محمد بن بغا عن المهتدي وعنهم يعذلونه في غيبته عن مجلسهم مع المهتدي وأنهم إنما جاؤا بشكوى حالهم ووجدوا الدار خالية فأقاموا ورجع محمد بن بغا فحبسوه في الأموال وكتبوا إلى موسى بن بغا ومفلح بالقدوم وتسليم العسكر إلى من ذكروه لهم وبعثوا من يقيدهما إن لم يأتمرا ذلك ولما قرئت الكتب على موسى وأصحابه وامتنعوا لذلك وساورا نحو سامرا وخرج المهتدي لقتالهم على التعبية وترددت الرسل بطلب موسى أن يولى على ناحية ينصرف إليها ويطلب أصحاب المهتدي أن يحضر عندهم فيناظرهم على الأموال إلى أن انفض عنهم أصحابه وسار هو ومفلح على طريق خراسان ورجع بابكيال وجماعة من القواد إلى المهتدي فقتل بابكيال ثم إنف الأتراك من مساواة الفراغنة والمغاربة لهم وأرادوا طردهم فأبى المهتدي ذلك فخرج الأتراك عن الدار بأجمعهم طالبين ثأر بابكيال فركب المهتدي على التعبية في ستة آلاف من الفراغنة والمغاربة ونحو ألف من الأتراك أصحاب صالح بن وصيف واجتمع الأتاك للحرب في عشرة آلاف فانهزم المهتدي وكان ما ذكرناه من شأنه ثم أحضر أبو العباس أحمد بن المتوكل وكان محبوسا بالجوسق فبايعه الناس وكتب الأتراك إلى موسى بن بغا وهو غائب فحضر وكملت البيعة لأحمد بن المتوكل ولقب المعتمد على الله واستوزر عبيد الله بن خاقان فأصبح المهتدي ثاني يوم البيعة ميتا منتصف رجب من سنة ست وخمسين على رأس سنة من ولايته ولم يزل ابن خاقان في وزارته إلى أن هلك سنة ثلاث وستين من سقطة بالميدان سال فيها دماغه من منخريه فاستوزر محمد بن مخلد ثم سخط عليه موسى بن بغا واختلفا فاستوزر مكانه سليمان بن وهب ثم عزله وحبسه وولى الحسن ابن مخلد وغضب الموفق لحبسه ابن وهب وعسكر بالجانب الغربي وترددت الرسل بينهما فاتفقا وأطلقه وذلك سنة أربع وستين.

.ظهور العلوية بمصر والكوفة.

وفي سنة ست وخمسين ظهر بمصر إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن الحنفية ويعرف بالصومي يدعو إلى الرضا من آل محمد وملك أشياء من بلاد الصعيد وجاءه عسكر أحمد بن طولون من مصر فهزمهم وقتل قائدهم فجاء جيش آخر فانهزم أمامهم إلى أبو خات وجمع هنالك جموعا وسار إلى الأشمومين فلقيه هنالك أبو عبد الرحمن العمري وهو عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر كان قد أخذ نفسه بحرب البجاة وغزوا بلادهم ولما كان منهم في غزو بلاد المسلمين فاشتد أمره في تلك الناحية وكثر اتباعه وبعث إليه ابن طولون عسكرا فقال لقائده أنا ألبث هناك لدفع الأذى عن بلاد المسلمين فشاور أحمد بن طولون فأبى القائد إلا من أجزته فهزمه العمري ولما سمع ابن طولون خبره أنكر عليهم أن لا يكونوا بذكره فبقي على حال من الغارة على البجاة حتى أدوا الجزية فلما جاء الصولي من الأشمونين لقيه العمري فهزمه وعاد العمري إلى أسوان واشتد عيثه فبعث إليه ابن طولون العساكر فهرب إلى عيذاب وأجاز البحر إلى مكة وافترق أصحابه وقبض عليه والي مكة وبعث به إلى ابن طولون فحبسه مدة ثم أطلقه فرجع إلى المدينة ومات بها.
وفي هذه السنة ظهر علي بن زيد وجاءه الشاه بن ميكال من قبل المعتمد في جيش كثيف فهزمه وأثخن في أصحابه فسرح المعتمد إلى حربه كيجور التركي فخرج علي عن الكوفة إلى القادسية وملك كيجور الكوفة أول شوال وأقام علي بن زيد ببلاد بني أسد ثم غزا كيجور آخر ذي الحجة فأوقع به وقتل وأسر من أصحابه ورجع إلى الكوفة ثم إلى سر من رأى وبقى علي هنالك إلى أن بعث المعتمد سنة تسع عسكرا فقتلوه بعكبر وانقطع أمره وقيل سار إلى صاحب الزنج فقتله سنة ستين وفي هذه السنة غلب الحسين بن زيد الطالبي على الري وسار موسى بن بغا إليه.